هل أنسى الشيطان يوسف ذكر ربه؟

قال تعالى

(َقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ [يوسف : 42]

ترى ما المعنى ؟؟

هل أنسى الشيطان يوسف عليه السلام ذكر الله؟

أم هل أنسى الشيطان "الذى ظنّ أنّه ناج منهما " ذكر أمر يوسف عند "ربّه" أي سيّده--ملك مصر

لننظر إلى أقوال أئمة التفسير --

فقد قال الطبري رحمه الله فيها (يقول تعالـى ذكره: قال يوسف للذي علـم أنه ناج من صاحبـيه اللذين استعبراه الرؤيا { اذْكُرْنِـي عِنْدَ رَبِّكَ } يقول: اذكرنـي عند سيدك، وأخبره بـمظلـمتـي وأنـي مـحبوس بغير جرم)

لاحظوا ما طلب يوسف منه--أن يذكر أمره عند سيدّ "الذي ظنّ أنّه ناج " وهو ملك مصر--

ولمّا كان الضمير لغة يرجع دائما إلى آخر مذكور "أقرب مذكور من الضمير " --فقوله تعالى ( فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ ) يرجع الضمير فيه " إلى الذي ظنّ أنّه ناج منهما " --

فيكون السّاقي هو الذي أنساه الشيطان ذكر أمر يوسف عند ربّه--

هذا هو البيان الشّافي للآية والذي يتضمن تنزيه الأنبياء من أن تتلاعب بهم الشياطين

طيب ماذا قال الطبري أيضا ؟

قال (وكان مـحمد بن إسحاق يقول: إنـما أنسى الشيطان الساقـي ذكر أمر يوسف لـملكهم.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: لـما خرج، يعنـي الذي ظنّ أنه ناج منهما، ردّ علـى ما كان علـيه، ورضي عنه صاحبه. فأنساه الشيطان ذكر ذلك للـملك الذي أمره يوسف أن يذكره، فلبث يوسف بعد ذلك فـي السجن بضع سنـين.

يقول جلّ ثناؤه: فلبث يوسف فـي السجن لقـيـله للناجي من صاحبـي السجن من القـيـل: اذكرنـي عند سيدك بضع سنـين، عقوبة له من الله بذلك.)

ويظهر أنّ الطبري ضرب صفحا عن التفسيرات التي أسندت اي تأثير للشيطان على يوسف وتبنّى رأي إبن إسحق --إذ نفهم ذلك من تعقيبه على قول إبن إسحق "فلبث يوسف فـي السجن لقـيـله للناجي من صاحبـي السجن من القـيـل: اذكرنـي عند سيدك بضع سنـين، عقوبة له من الله بذلك."

فهذا يعني أن خطأ يوسف هو في لجوئه للإستعانة بالملك في موضوع لبثه في السجن وكان الأولى أن لا يلجأ إلّا لله--

هذا هو الفهم الأمثل--

لم ينس الشيطان يوسف ذكر الله --إنّما الشيطان أنسى " السّاقي " ذكر امر يوسف امام الملك--

والله أعلم