[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]قضيت في صحبته عني كتبه ، فرابني من امره ما رابني ، ثم رجعت فجعلت أكبر همي ان أراه ، فطلبته في جميع المواطن التي القاه فيها فلم اجده ، فذهبت إلى منزله فحدثني جيرانه أنه هجره منذ عهد بعيد عهداً طويلا ً ما أنكر من أمره و لا ينكر من امري شيئا ً حتى سافرت الى القاهرة سفراً طويلا ، فتراسلنا ثم انقطعت أنهم لا يعرفون أين مصيره ، فوقفت بين اليأس و الرجاء برهة من الزمن ، يغالب اولهما ثانيهما حتى غلبه ، فأيقنت أني قد فقدت الرجل ، وأني لن أجد بعد اليوم اليه سبيلا .
هناك ذرفت من الوجه دموعا ً لا يذرفها الا من قل نصيبه من الأصدقاء و أقفر ربعه من الاوفياء و أًصبح غرضا ً من أغراض الأيام ، لا تخطأه سهامها ، و لا تغبه آلامها ...
بينما انا عائد الى منزلي في ليلة من ليالي الاسرار ( من اليالي الاخيرة للشهر ) اذ دفعني الجل بالطريق في هذا الظلام المدلهم الى زقاق موحش مهجور يخيل للناظر اليه في مثل هذه الساعة التي مررت فيها انه مسكن للجان أو مأوى الغيلان ، فشعرت كأني أخوض بحرا ً أسود يزخر بين جبلين شامخين ، و كأن امواجه تقبل بي و تدبر ، و ترتفع و تنخفض ، فما توسطت لجته حتى سمعت في منزل من تلك المنازل المهجورة أنّة ً تتردد في جوف اليل ثم تلتها أختها ثم أخواتها ، فأثر في نفسي مسمعها تأثيرا ً شديدا ً و قلت يا للعجب ، كم يكتم هذا اليل في صدره من أسرار البائسين ، و خفايا المحزونين ، و كنت قد عهدت الله قبل اليوم الا أرى محزونا ً حتى أقف أمامه وقفة المساعد أن استطعت ، او الباكي إان عجزت ، فتلمست الطريق الى ذلك المنزل حتى بلغته فطرقت الباب طرقا ً خفيفا ً فلم يفتح ، فطرقته أخرى طرقا ً شديدا ً ففتحت لي فتاة صغيرة لم تكد تسلخ العاشرة من عمرها ، فتأملتها على ضوء المصباح الضئيل الذي تحمله ، فإذا هي في ثيابها الممزقة ، كالبدر وراء الغيوم المتقطعة ، و قلت لها : هل عندكم مريض ؟؟ ، فزفرت زفرة كاد ينقطع لها نياط قلبها ، و قالت : ادرك ابي ايها الرجل فهو يعالج سكرات الموت ، ثم مشت فتبعتها حتى وصلت الى غرفة ذات باب قصير مسنم فدخلتها فخيل الي ّ اني انتقلت الي عالم الأموات ، وأن الغرفة قبر ، و المريض ميت ، فدنوت منه حتى صرت بجانبه ، فأذا قفص من العظم يتردد فيه النفس تردد الهواء في البرج الخشبي ، فوضعت يدي على جبينه ففتح عينيه و اطال النظر في وجهي ثم فتح شفتيه قليلا ً قليلا ً و قال بصوت خافت ( أحمد الله فقد وجدت صديقي ) ، فشعرت كأن قلبي يتمشى في صدري جزعا ً و هلعا ً و علمت أني قد عثرت على ضالتي التي كنت انشدها ، و كنت أتمنى ألا اعثر عليها و هي في طريق الفناء ، و على باب القضاء ، و الا يجدد لي مرآها حزناً كان في قلبي كمينا ً ، و بين أضلاعي دفينا ً ، فسألته ما باله .؟؟ ، و ما هذه الحال التي صار عليها و كان أنسه بي امد مصباح حياته الضئيل بقليل من النور ، فأشار الي أنه يحب النهوض ، فمددت يدي إليه فاعتمد عليها حتى استوى جالسا ً و انشأ يقص علي ّ القصة التالية :
منذ عشر سنين كنت أسكن انا ووالدتي بيتاً يسكن بجانبه جار لنا من أرباب الثراء و النعمة ، و كان قصره يضم بين جناحيه فتاة ما ضمت القصور أجنحتها على مثلها بهاءا ً و حسنا ً ، و رونقا ً و جمالا ً ، فألم بنفسي من الوجد بها مالم استطع معه صبرا ً ، فما زلت بها اعالجها فتمتنع ، و استنزلها فتتعذر ، أتأتى الى قلبها بكل الوسائل فلا أصل اليه ، حتى عثرت بمنفذ الوعد بالزواج فانحدرت منه اليها ، فسكن جماحها ، أسلس قيادها ، فسلبتها قلبها و عفتها في يوم واحد و ما هي أيام قلائل حتى عرفت أن جنينا ً يضطرب في احشاءها ، فأسقط في يدي ، و طفقت ارتئي بين أن أفي لها بوعدي ، أو أقطع حبل ودّها ، فآثرت اخرها على اولاها و هجرت المنزل الى المنزل الذي كنت تزروني فيه ، و لم أعلم بعد ذلك من امرها شيئا ً ...
مرت على تلك الحادثة اعوام طوال و في ذات يوم جاءني منها مع البريد هذه الرسالة ، و مد يده تحت وسادته و أخرج كتابا ً باليا ً مصفراً فيه ما يأتي :
" لو كان بي أن أكتب إليك لاجدد عهدا ً دارسا ً ، أو ودّاً قديما ً ، ما كتبت سطرا ً ، و لا خططت حرفا ً ، لاني أعتقد ان عهدا ً مثل عهدك الغادر ، و ودّا ً مثل ودك الكاذب ، يستحق أن أحفل به فأذكره ، أو آسف عليه فأطلب تجديده ...
أنك عرفت حين تركتني أن بين جنبي نارا ً تضطرم ، وجنينا ً يضطرب ، تلك للأسف على الماضي ، و ذاك للخوف على المستقبل ، فلم تبال ِ بذلك و فررت مني حتى لا تحمل نفسك مؤونة النظر الى شقاء انت صاحبه ، و لا تكفل يدك مسح دموع أنت مرسلها ، فهل تستطيع بعد ذلك أن أتصور أنك رجل شريف ؟؟ .. لا بل لا أستطيع أن اتصور أنك أنسان ، لانك ما تركت خلة من الخلال المتفرقة في نفوس العجماوت و أوابد الوحوش الا جمعتها قي نفسك و ظهرت بها جميعها في مظهر واحد ...
كذبت علي ّ في دعواك أنك تحبني .. و ما كنت ان تحب إلا نفسك ، و كل ما في الأمر أنك رأيتني سبيلا في أرضائها ، فمررت بي في طريقك اليها ، و لو لا ذلك ما طرقت لي بابا ً ، و لا رأيت لي وجهاً ..
خنتني اذ عاهدتني على الزواج فاخلفت وعدك و ذهبت بنفسك أن تتزوج أمرأة مجرمة ساقطة .. و ما هذه الجريمة و لا تلك السقطة الا من صنعة يدك ، و جريرة نفسك ، و لولاك ما كنت مجرمة و لا ساقطة ، فقد دافعتك جهدي حتى عييت بأمرك فسقطت بين يديك سقوط الطفل الصغير ، بين يدي الجبار الكبير ..
رسقت عفتي .. فأصبحت ذليلة النفس حزينة القلب ، استثقل الحياة و استبطئ الأجل ، و اي لذة في عيش لامرأة لا تسطيع ان تكون زوجة ً لرجل و لا اما ً لولد !! بل لا تستطيع أن تعيش في مجتمع من هذه المجتمعات البشرية الا و هي خافضة رأسها ظن مسبلة جفنها ، واضعة خدها على كفها ترتعد اوصالها و تذوب احشاءها ، خوفا ً من عبث العابثين و تهكم المتهكمين ..
سلبتني راحتي ، لاني اصبحت مضطرة بعد تلك الحادثة الى الفرار من ذلك القصر الذي كنت متمتعة فيه بعشرة ابي و امي ، تاركة ورائي تلك النعمة الواسعة و ذاك العيش الرغيد الى منزل حقير في حي مهجور لا يعرفه أحد ، و لا يطرق بابه طارق ، لاقضي فيه الصبابة الباقية لي من عمري ..
قتلت أمي و أبي ، فقد علمت انهما ماتا ، و ما احسب موتهما الا حزنا لفقدي و يأسا ً من لقائي ..
قتلتني لان ذلك العيش المر الذي شربته من كأسك ، و الهم الطويل الذي عالجته بسببك قد بلغا مبلغهما من جسمي و نفسي ، فأصبحت في فراش الموت كالذبابة المحترقة تتلاشلا تفسا ً أثر تفس ... و أحسب الله قد صنع لي ، و استجاب دعائي ، و اراد ان ينقلني من دار الموت و الشقاء الى دار الحياة و الهناء ..
فأنت كاذب مخادع و لص قاتل و لا أحسب الله تاركك دون ان يأخذ لي بحقي منك ...
ما كتبت اليك هذا الكتاب لاجدد بك عهدا ً ، او أخطب أليك ودا ً ، فأنت اهون على ً من ذلك ، على انني على باب القبر و في موقف الوداع مع الحياة باجمعها شرها و خيرها .. سعادتها و شقائها .. فلا امل لي في ود و لا متسع لعهد ، و انما كتبت اليك لان لك عندي وديعة و هي فتاتك ، فان كان الذي اذهب الرحمة من قلبك ابقى لك منها رحمة الابوة ، فاقبل اليها و خذها اليك حتى لا يدركها من الشقاء ما ادرك امها من قبل ..
فما اتمتت قراءة الكتاب حتى نظرت اليه فرأيت مدامعه تنحدر على خديه فسألته و ماذا تم له بعد ذلك ؟ قال اني ما قرات هذا الكتاب حتى احسست برعدة تتمشى في جميع اعضائي ، و خيل الي ان صدري يحاول ان ينشق عن قلبي حزنا و جزعا ، فاسرعت الى منزلها و هو هذا المنزل الذي تراني فيه الان ، فرأيتها في هذه الغرفة و على هذا الفراش جثة هامدة لا حراك فيها و رايت فتاتي الى جانبها تبكي بكاءا مرا ، فصعقت لهول ما رأيت ، و تمثلت لي جرائمي في غشيتي كانما هي وحوش ضارية و اساود ملتفة هذا ينشب اظافره و ذاك يحد انيابه ، فما افقت حتى عاهدت الله الا ابرح هذه الغرفة التي سميتها غرفة الاحزان .. حتى اعيش فيها عيشها .. و اموت موتها ...
و ها أنا اليوم اموت راضيا ً مسرورا ، فقد حدثني قلبي بأن الله قد غفر لي سيئاتي بما قاسيت من العناء ، و كابدت من الشقاء ...
و ما وصل من حديث الى هذا الحد حتى انعقد لسانه و اكفهر وجهه و سقط على فراشه فاسلم الروح و هو يقول : ( ابنتي يا صديقي )
فلبثت بجانبه ساعة قضيت فيها ما يجب على الصديق لصديقه ، ثم كتبت الى اصدقائه و معارفه ، فحضروا تشييع جنازته .. و ما رئيي مثل يومه كان اكثر باكية و باكي ...
و لما حثونا التراب فوق ضريحه جزعنا و لكن أي ساعة مجزع
يعلم الله اني اكتب قصته و لا املك نفسي من البكاء و النشيج و لا انسى ما حييت نداؤه لي و هو يودع نسمات الحياة و قوله ( ابنتي يا صديقي )
منقول